تأخذنا الأيام في أحضانها يوما من بعد يوم ، تدهسنا الثواني , وتأكلنا الساعات، ننساق وراء ما نسعى إليه من حله وحرامه ، وما لأحد منا إلا ما سعى ، لحظة فارقة بين أنا وأنت ، كل منا يفتح مغاليق حياته فيدخل من باب أحدها ويخرج من الآخر ، يدعى أنه الإله فتقهره بعوضة ، ويظن أنه غارق لا محالة فيلتهمه الحوت ، وليس للإنسان إلا ما سعى ، شتان ما بيني وبينك, لكن القدر يجمعنا بميثاق واحد ، فحينما ألقى فى النار ظن الجاهلون أنه هالك فيها, فكانت له بردا وسلاما ، وآخر استخف قومه فأطاعوه فكان من الهالكين ، وليس للإنسان إلا ما سعى ، أنت لا تعرفني وأنا كذلك وكل منا ينظر للآخر بمرآة ذاته ، وحينما نجتمع سرعان ما نفترق (وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ) ... وقليل ما هم , جملة تمنحك عُرف الحياة البغيض ، سألت نفسى كثيرا ألم يأن لي أن أسارع إلى مغفرة من ربى ، فوجدتني فى إجابة أخرى ، ففروا إلى الله ، السرعة والفرار, وجهان لطريق واحد طريق المغفرة ، قضيت جُلة أيامى في البحث عن المعرفة وبعد منتصف العمر الآخر وجدتني لا أعرفها ، أنت قيمة مضافة بالنسبة لى وأنا كذلك ولكن بدون جدوى ، حينما يصبح العالم بين أصابعك تراه بكل تفاصيله ، أنت فى هذه اللحظة من أكثر الناس مسؤولية عن حفظه, لكنك لا ترغب فى ذلك حتى لا تقع فى دائرة المسؤولية ، إن السنوات العجاف التي قضيتها فى الدراسة لم تمنحني سوى ورقة بعدد عمر كان من الممكن أن نختصره ليمنحنا قيمة الحياة ، وفى منتصف العمر الاخر تأخذنا الوظيفة إلى سن التقاعد فنولد من جديد ، والفاصل بين هذا وذاك لحظة فارقة ..(حتى إذا بلغ )..فى تلك اللحظة يجب أن ننتبه لأجراس الموت التي لا تغفل عن الرنين لحظة بلحظة .. (وليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى) .. سوف يرى .. إعقل هذه جيدا ... حتى يُرى سعيك كيفما تتمنى .
ياسر القاضي