يحاول البعض منا أن ينسلخ من ماض مؤلم قد يسبب له ألما , أو يعكر له صفوا , ومن أجل ذلك نلبس أقنعة الوجوه السبع , وفى كل وجه نرتديه نلعب دور القاضي والسياف , نحكم وسرعان ما نعدم ،لم أتخيل يوما أن أنظر إلى الأشياء من كواليس المسرح وأعيشها بكل تفاصيلها ,ظننت يوما أن سمو الأخلاق هو الحاكم على مصداقية الأشياء من حولنا،فيداهمني الواقع بنظرية الحتمية التي تفرض نفسها بكل قوة
-لا تصدق - ننجذب
إلى حديث اللامعقول , يسحبني الماضي إلى سرادق العزاء الأخير ،أتوهم أنى نافذ القوة , فأمضى وكأنى فيل إبرهة وسرعان ما يتساقط ذاك الوهم في منعطفات حياة عرجاء بدون ركيزة أو عكاز نستند عليه ، توقظني ضمائري الكامنة , فأتلاشى كما فقاعات الهواء ، يبدو أن الوجوه التي نرتديها يوما بعد يوم , أمست معلومة للجميع لأنها أصبحت طابع كل واحد منا ، أمسك فرشاتي لأرسم وجها على غير المعتاد ، تنسكب الألوان فيختلط بعضها بعضا ، لون واحد فقط لم ينسكب بعد ، أسأل نفسى ما الأمر ،ينبري قلمي ليخرج عن صمته المعهود ليقف فى وجه الطاغية الذى يصنعه ويصنع فى ذات الوقت مبراته التي تأكل منه يوما بعد يوم ، أحاول الكتابة , يعوج القلم عن مساره فتلتوى الخطوط ، أنا وأنت لن نقف فى مشهد صامت لتبرير ما نصنعه لكننا ندرك تماما أن ما نصنعه هو الواقع بنظرية الحتمية، إننا لن نسيطر على معطيات الحياة, لأن الحياة نحن لا نملكها ، فكر قليلا ولتعط نفسك سيفا ومقصلة ، تمهل ،إن عاقبة الأمور سوف تأخذك إلى ما هو أبعد ، فى يوم من الأيام كان يسكن بالحجرة المجاورة لى صديق عزير كان دائما ما يذكرني بأن الحياة ما هي إلا مجرد حلم سرعان ما نستيقظ منه فلم تبق الحجرة ولم يبق صديقي العزيز ، وهم نرتديه فنعيش بداخله مد البصر ،إن العجوز الذى نام على فراشه لن ينتظر الصباح لأنه أدرك تماما أن الطبيب حينما يوقف عنه جميع الأدوية فلن تكون هناك فرصة أخيرة للحياة ،إن أفكارك التي ترتديها لا تحاول أن تلبسها لغيرك أو تصنع من نفسك شخصا عنكبوتيا لأن أوهن البيوت هو بيت العنكبوت .
ياسر القاضى Hyasser10@yahoo.com